فقدتها في مثل هذا اليوم في مثل هذه الليلة الفردية من العشر الاواخر من رمضان ١٤٣٩ هجرية ٢٠١٨م.
اي دمعة حزن … نعم ماتت من كنا نكرم ونرزق من اجلها
** فقد الام هو الفقد الاكبر باجماع ما جاء في الكتب والاثر الطيب . ويكفي ما جاء في الحديث القدسي لمن ماتت امه بان من ماتت من كنا نكرمك ونرزقك من اجلها وكذلك وصف موت الام بانه اغلاق لاحد ابوابك للجنة .
** بكى القاضي اياس امه بحرقة فلما سالوه اجاب ابكي فقد كان لي بابان احدهما باب الجنة والاخر باب الجهاد ، فان رجلا جاء النبي صلى الله عليه وسلم وقال اشتهي الجهاد ولا اقدر عليه فساله النبي هل لك احد من والديك؟ اجاب نعم امي فقال صلى الله عليه وسلم برها فانت ببرها حاج ومعتمر ومجاهد (رواه الطبراني)
وروى الامام احمد رضى الله عنه بان لا عمل اقرب الى الله من بر الام . والله لو ألنت لها الكلام والمنام والطعام لتدخلن الجنة مالم ترتكب احد الكبائر .
** كانت اخر كلماتي في اخر ما كتبت انني مغادر لقضاء العيد كما اعتدنا بعطبرة . الام الرؤوم فعطبرة هي الام التي ربتنا وعجمت عودنا وقدمتنا للدنيا وفي عطبرة امي الرؤوم التي حملتنا وارضعتنا وقدمتنا ..
وسبحان الله غادرت على غير العادة قبل اسبوع من العيد ولم يتوقف محرك العربة على طول الطريق من الخرطوم لام المدائن وقد كنت اتوقف عادة بعدة مواقع ووصلت البيت وقبل ان اوقف محرك العربة خرج من يبلغني بان الوالدة في المستشفى حيث توقف المحرك.
ووقفت على رأسها لتلاوة بعض الايات وبعد ما يقارب الاربعين دقيقة اغمضت عينيها واسلمت الروح لبارئها .
** كانت تتمنى ان نكون بقربها دائما وفي الايام الاخيرة اكثرت من طلب حضورنا ومكوثنا بجانبها واستجاب الله دعاءها وحين اسلمت الروح كنا جميعا حولها دون استثناء الابناء والبنات والاحفاد وكثير من الاهل والجيران. وخرجت الروح بسلاسة في لحظات استجابة الدعاء قبيل افطار احد ايام العشر الاواخر واستقبال ليلة الخامس والعشرين من رمضان وما ادراك بالليالي الفردية من العشر الاواخر . وما اسعدها .
** رحيلها في هذه الليلة خفف علينا الكثير من الم الفراق وكذلك خففت علينا دعوات ذلك الحشد الكبير من المشيعين والمعزييين يتقدمهم والي الولاية وحكومته ومعتمدو عطبرة والدامر والمتمة وعدد كبير من المسؤولين والسياسين والرياضيين والاصدقاء .
كما اسعدني رغم الحزن ما سمعته عن سيرتها وقربها من الناس وكثيرا مما لم نكن نعرفه بسبب البعد والاغتراب . فشكرا لعطبرة واهلها اللذين انابوا عنا في التجهيز واعداد المقبرة والدعوات الفردية والجماعية من رواد صلوات التراويح والتهجد .
** فلا نقول الا ما يرضي الله سنتزرع بالصبر الطيب الصعب والحفاظ والتمسك ومواصلة ما كانت عليه من علاقات واعمال طيبة،و تواصل مع الارخام و الجيران، و هذا ما اخاوله الان ان استطعت.
وما اشار لي به ذلك الشيخ اذ وصاني بالبر موضحا فضائله واردف وكذلك ببر البر وهو مواصلة معارف الوالدين والاكثار من الدعاء .
** لا املك سوى نصيحة لكل من اكرمه الله بوجود والديه او احدهما بان يعرف قدرهما ويكثر من برهما واكرامهما قبل ان يفقدهما او يفقد احدهما فليغتنم الفرصة والساعة واللحظة التي لن تدوم .
** اختم بقصيدة لا اعرف شاعرها ولكنها وصلتني من شيخ وداعية سعودي فقد امه :
ابيت على الذكرى واصحو بمثلها،
وان غبت لم يبرح خيالك زائري
احبك يا امي على القرب والبعد،
احبك يا امي ولو كنت في اللحد
احبك حبا فاق حب احبتي،
وليس لحب الام من ند
سلام على الدنيا تناثر عقدها،
وقد كنت يا اماه واسطة العقد.